الانتقال القسري مابين الوطنية المغلقة إلى القومية الدفاعية …

الانتقال القسري مابين الوطنية المغلقة إلى القومية الدفاعية… كيف تبدل المزاج السياسي لدى النخب السياسية الكوردية….
قراءة تاريخية وطنية وخارطة العودة إلى الشراكة ..
تمهيد….
الاكراد في سوريا ليسوا حالة عابرة او ملفا تفاوضيا.. هم جزء اساسي من مؤسسي المجتمع السوري
كانت الرؤية السياسية الكردية طوال عقود امتدادا لرؤية سورية شاملة ومشتركة. قبل أن تدفعه سياسات الاقصاء والتجريد والتعريب الى اتخاذ شكل (القومية الدفاعية) هذا التحول السياسي لم يكن قدرا مكتوبا بل نتيجة لتغير في النهج السياسي للدولة تجاه الأكراد.. يمكن إعادة وتصحيح توجيهه إذا ما استطاعت الدولة العودة للشراكة وبناء جسور الثقة من منطلق تنفيذ العدالة ومبادئ القانون والمواطنة الحقيقة دون تمييز
اولا :قبل العاصفة٠رؤية وطنية سورية بروافد محلية من جميع المكونات
بين فترة الاستقلال وحتى بدايةالخمسينات من القرن الماضي كان للحضور الكردي ثقلا مميزا في كل مفاصل الدولة السياسية والعسكرية والاقتصاد والادارة وخاصة في المذن الكبرى ولكن ضمن تواجد طغى عليه روابط التغذية المحلية والقبلية والمدنية ولم تكن ضمن إطار عمل التنظيمات الحزبية او الجمعيات السياسية ولم تاخذ اي صورة لطابع الهوية الخاصة انما تحلى عملها في الإطار العام السوري
ثانيا :المنعطف :من الوحدة الي نشوء البعث واستلامه مقاليد الحكم
١٩٥٧ ظهور اول تنظيم سياسي كردي واضح الرؤى والمطالب ٠تجلى ذلك في (الحزب الديمقراطي الكردي السوري) بوصفه ممثلا عن التعبير عن المطالب المحقة والمهملة من قبل الحكومات لحقوق الأكراد في سوريا
١٩٥٨-١٩٦١ الوحدة بين سوريا ومصر
ظهر التيار المتشدد ذات الطابع القومي العربي الذي منع العمل الحزبي خارج الفضاء العربي حينها استدرك الكرد في سوريا خطورة الواقع واصبحو يشعرون ان الوطنية تعرفهم كهامش وليش كشركاء..
١٩٦٢ الإحصاء الاستثنائي في للحسكة وتجريد عشرات الالاف من الكرد السوريين من حق المواطنة والجنسية كانت الخطوة للاكثر تمييزا وتسسيسا للهوية مما خلق ردة فعل طبيعة للدفاع عن الوجود الكردي عبر تنظيماته السياسية ونخبه النضالية
من عام ١٩٦٣ والى فترة حكم ال الأسد قام حزب البعث بفرض السياسات الاستثنائية من التعريب والفرز الديمغرافي(الحزام العربي لاحقا) حينها استدرك الكرد ان الدولة أصبحت تتعامل مع القضية الكردية ضمن نطاق المشكلة الأمنية وتشديد الطوق الأمني لمنع اي نشاط ذات طابع كردي… وحرموا من أبسط الحقوق التي تمنحهم صفة المواطنة في بلادهم
النتيجة الطبيعة لهكذا خطوات دفع بالكرد للانتقال تدريجيا من مفهوم الوطنية السورية المفتوحة الى اتخاذ الطابع القومي الكردي المتشدد تحتمي بذاتها وتتشدد بمطالبها تجاه الدولة السورية
ثالثا:محطات رسخت القومية الدفاعية :
في السبعينات من القرن الماضي من خلال تنفيذ مشروع الحزام العربي في الجزيرة وجلب سكان اخرين من غير محافظات لدمجهم وتوطينهم ضمن اراض أصحابها وملكيتها تعود للكرد وبصورة منهجية خلق ذلك جرحا عميقا في المجتمع الكردي
٢٠٠٤ الانتفاضة الكردية :
انفجار غضب اجتماعي للمجتمع الكردي في وجه الممارسات الظالمة بحقه قوبل بالقمع والتنكيل والقتل وزج الشباب الكردي بالالاف في اقبية السجون المميتة… حينها تعززت ذاكرة المظلومبة والاستثناء الدائم
مابعد ٢٠١١ :
ثورة الشعب السوري قوبلت بالحديد والنار وكان للكرد شرف المواجهةالسياسية والنضال ضد النظام الاثم.. ونتيجة الفراغ الأمني بمناطقنا صعدت بعض التيارات الكردبة لتعلن عن اقامة إدارات ذاتية وفرض سلطة من جانب احادي مستغلة سردية القومية الكردية احيانا لتصل الى مفهوم المجتمع الاممي الديمقراطي ليبقى الاكراد الى وقتنا هذا رهينة التجاذبات بين سلطة الإدارة الذاتية والمركز

رابعا :لماذا تغلبت القومية على الوطنية :
١-اقصاء ممنهج لعمل المؤسسات والاحزاب والتيارات الوطنية
_عدم منح الجنسية للكرد المجردين ومنعهم من ممارسة انشتطهم الثقافية والاجتماعية المعبرة عن التنوع السوري اثنيا وطائفيا ومنع كافة الممارسات السلمية من حق التظاهر والاعنصام وحرية التعبير والرأي ٠حينها غدت القومية ملجا للحماية
٢-هندسة ديمغرافبة لتغيير واقع التواجد الكردي وتنفيذ مشروع الحزام العربي وتطبيق معادلة الأمن والقوة قبل العدالة وانصاف الحقوق ٠حينها تحولت بوصلة هدم الثقة بين المواطن الكردي والدولة
٣-انكماش السياسة الوطنية وإغلاق باب ممارسة التعددية الحزبية مما ساهم في جعل قناة القومية هي المنفذ الوحيد للصوت الكردي
٤-التاثير والتفاعل الخارجي مع الحركات والتنظيمات الكردية الثورية في البلدان الإقليمية التي خلقت اذدياد في الفجوة والهوة بين المكونات السورية نتيجة غياب الدولة الجامعة ٠

خامسا :ماذا نفعل الان؟؟؟
-العودة إلى ممارسة روح الوطنية التشاركية
والمطلوب ليس إنكار الهوية الثقافية القومية والعودة لتصحيح اثار الماضي واخطاءه بل إعادة تعريف الوطنية السورية كونها ضمانة حقوق لا وصاية… ويتم ذلك عبر حزمة إجراءات وخطوات مهمة وشاملة للقياس تعتمد الثقة خلال فترة زمنية قصيرة ومحددة
١-إيجاد نص دستوري وقانوني يعترف بالهوية واللغة الكردية بما يضمن حرية التعبير والدراسة باللغة والحفاظ على الإرث الثقافي للمجتمع الكردي ضمن المناطق ذات الكثافة الكردبة العالية
٢-السعي لتبني نظام اللامركزية الادارية الموسعة بما يضمن إعطاء صلاحيات واسعة للمحافظات في مجال التعليم والصحة والخدمات ضمن إطار الدولة موحدة
٣-ادماج مهني مدروس لقوى الامن والشرطة حسب الكفاءة من
مختلف مكونات المنطقة
٤-منع الاعتقالات التعسفية لأصحاب الرؤى السياسة المعارضة والوطنية وإنشاء لجان وطنية للمصالحة
٥-تحقيق العدالة الانتقالية ووضع اليات اصلاح مؤسسي وتشكيل فرق للمصالحة المجتمعية. تهدف هذه اللجان إلى تحقيق المسائلة والوصول إلى الحقيقة وضمان التعويضات ومنع تكرار الانتهاكات في المستقبل

سادسا: لغة وطنية للجميع.. لا تخون أحدا
الى الدولة :استعادة الثقة بمواطنيها من خلال تعزيز دور المشاركة الفعلية وعدم الاكتفاء بالشعارات وعدم تطبيقها
الى القوى الكردية :الاحتكار لا يصنع تمثيلا. الشراكة مع بقية السوريين تصنع نفوذا مشروعا ومستتداما

الى عموم السوريين :القضية الكردية ليست امتيازات فوق الدولة ٠بل اختيار لمستقبل الدولة نفسها ٠هل تسع الجميع ؟؟ام تعود دولة الغلبة..

خاتمة :
الوعي الكردي المتحول من الوطنية الجامعة الى القومية الدفاعية كان نتيجة لسياسات قابلة للتصحيح.
طريق العودة واضح:
جنسية ترد. لغة تكرم. مؤسسات تفتح للكفاءة. ولا مركزية تفعل داخل دولة واحدة… عندها يتقدم اسم الوطن سوريا في وعي الكرد من خانة الدولة التي تقصي إلى خانة الدولة التي نحميها لأنها تحمينا
هذه ليست وعودا.. انها خطة مواطنة محددة بمواعيد ومؤشرات محددة ٠اذا طبقت ستتراجع الحاجة إلى غليان قومي دفاعي.. ويعود السوريون كردا وعربا وغيرهم الى وطنية تبنى على الحقوق والعدالة لا على الخوف والظلم…

حمزة اسماعيل الاسماعيل

منسق حركة الشباب الديمقراطي